هو فارسي
مع عباراتها التلقائية ولم يكن
حال والدته باقل من حالته وهما ينصتان لكلماتها العفوية وقال متسائلا
من سنة ! .. ولسه مستلماها من أسبوع
أبتسمت فى خجل وهى تطرق برأسها وقالت
أصل أنا كنت بحوش تمنها ولما خلصت أدهالى
أتسعت ابتسامته وهو يتبادل النظرات مع والدته التى شعرت كأنها تراها لأول مرة أما هو فقد شعر بمتعة وهو يتسائل مرة اخرى ويقول
أستندت ب ها إلى سور الدرج ولوحت بيدها الأخرى بعفوية وهى تقول
مرة سمعتك وانت بتتكلم مع طنط
رفع حاجبية مندهشا وقال
سمعتى المعاد مرة .. ومن سنة !!
أومأت بخجل ثم عقدت جبينها
ونظرت لأم فارس ثم نظرت إليه وقالت
هى معجبتكش ولا أيه
بالعكس ..دى جميلة جدا
نظرت له والدته فوجدته شاردا أو حائرا وهو ينظر إلى الميدالية فى يده ويقول فى وجوم
شكلك كنت متأكدة أنى هاخد الدكتوراه حتى من
قبل ما أكون انا متأكد
صعدت والدته درجتين وربتت على كتف مهرة ثم مسحت على ها فى وقالت
طول عمرك جدعة يا مهرة وفاكره الناس اللى حواليكى
أنت كنت خارجة دلوقتى ولا أيه
نظرت مهرة لملابسها
ومطت شفتاها وهى تقول بحزن
انا صحيت بدرى علشان اروح أتفرج على فارس وهو بياخد الدكتوراه بس ماما مرضيتش وقعدت تتخانق معايا .. ومن ساعتها بقى وانا مغيرتش هدومى وقاعدة فى البلكونة علشان لما فارس يرجع اشوفه واديله الهدية.
شعر فارس بكلمات مهرة تطيح بالمرارة التى كانت قد احتلت قلبه من قبل وتنزع رايتها وتحررقلبه من القسۏة التى كانت تحاول فرض سيطرتها عليه بالقوة وتميت عواطفه وتكاد تدفنها فى أعماقه فلا تظهر مرة أخرى على السطح جائت فى الوقت المناسب لتعيد تشغيله وإعادته إلى الحياة مرة ثانية قبض على هدية مهرة فى راحته ولا يعلم لماذا شعر فى هذه اللحظة بالذات انه يجب أن يغض بصره عنها لأنها ...لأنها قد كبرت ... كبرت إلى هذه الدرجة .. كبرت النبتة التى زرعها بيديه وزرع ما بها من معانى جميلة وعواطف نبيلة مخلصة لتصبح وارفة الظلال لتظله هو أيضا ببعض ظلالها حينما تسحقه رمضاء الحياة
وأنا هاخد وقت فى اللبس ليه.. أنا حلو من غير حاجة
ده أيه التواضع ده كله
ضحك بلال وهو يضرب على كتف فارس قائلا
نحن السابقون و انتم اللاحقون
نظر بلال إلى فارس وقال متسائلا
أنتوا مسافرين بعد الفرح فعلا يا فارس
أومأ فارس برأسه وقال
الدكتور حمدى عزمنا نقضى أسبوع فى شقته اللى فى اسكندرية ..هنقضى ساعة كده فى الفرح ونسافر على طول
وضع عمرو يديه فى ه وهو يتصنع الحقد وقال
بقولك ايه يا عمرو مابدل الحقد اللى مإلى قلبك ده.. يومين تلاتة كده وتعالوا قضوا معانا
يومين فى اسكندرية
حك عمرو رأسه وهو يقول
ممم هفكر واخد رأى الحكومة
ضحك ثلاثتهم بينما قال عمرو
يالا يا سيدنا العرايس فى الكوافير مستنينا على نااار
نظر فارس حوله وهو يقول متسائلا
هى ماما راحت فين
قال بلال وهو يضع يديه فى جيب بنطاله
طلعت تودى الولاد عند مهرة ونازله على طول ان شاء الله
عقد فارس بين
حاجبيه وقال متسائلا بقلق
ليه هما مش جايين معانا
جذبه عمرو من ه وهو يتجه به صوب باب الشقة ويقول
ياعمنا يالا بقى هنستناهم تحت الستات دول يومهم بسنة
خرج ثلاثتهم وأغلق فارس الباب خلفة ونزل الدرج خلفهم فى توتر وقلق وهو ينظر للأعلى ثم ينظر أمامه ويكمل طريقه فى الهبوط
وقف الجميع أسفل بنايتهم وتبادلوا ال والتهنئة مع الجيران والأحبة والمدعوين منهم للحفل تأخرت والدته قليلا فقال عمرو
ما تطلع تشوف الحجة يا فارس .. عزة عماله تتصل شكلنا بقى وحش أوى
نظر فارس إلى هاتفه فوجد مكالمتين من دنيا لم ينتبه إليهم كان على وشك أن يهاتفها ليخبرها أنهم فى طريقهم ولكنه وجد يحيى يهبط الدرج بسرعة ويتجه إلى بلال مباشرة وهو يقول
لو سمحت يا دكتور ممكن تطلع معانا.. أصل مهرة تعبانة أوى
لم يتحدث فارس كثيرا بل لم يسأله من الأصل توجه للأعلى مباشرة وطرق الباب فتحت له أم يحيى الباب وفى عينيها أثر البكاء معلنا عن نفسه بوضوح فقال بلوعة
فى أيه مهرة مالها
كان بلال ويحيى قد لحقا به غض بلال نظره وهو يقول
خير يا جماعة مالها
أفسحت لهم أم يحيى الطريق وهى تقول
مش عارفة يا دكتور .. سخنه أوى وبتترعش والكمادات مش جايبة نتيجة .. خاېفة تكون حمى
قال بلال بسرعة دون أن ينظر إليها
طب غطيها وحطى حاجة على شعرها
دخلت أم يحيى سريعا إلى غرفة مهرة وخرجت بعد
ثوان وهى تقول بلهفة
خلاص يا دكتور اتفضل
هم بلال بالدخول ولكنه تفاجأ بفارس يمسك ب ه يوقفه فنظر بلال إلى يد فارس الممسكة به ثم نظر إليه فى تسائل ودهشة فقال فارس بصوت كأنه خرج من شخص آخر
غيره ومن حلق آخر غير حلقه وكأنه آتى من بئر عميق وبعيد
هو انت بتكشف على بنات
شيئا ما فى عينى فارس جعل بلال ينظر إليه بعمق وهو حائرا من أمره ثم قال
انا مش هكشف عليها ..
أنا هشوفها بس حمى ولا لاء ..وده مش محتاج كشف زى ما انت فاهم ..علشان لو حمى مش هينفع نستنى أكتر من كده
ثم أشار بلال إلى أم يحيى أن تتبعه
دخلت معه والدتها لغرفتها فوجد أم فارس تجلس بجوارها وتبكى على حالها وما أصابها ومهرة نائمة والكمادات تغطى جبينها.
وقف فارس حائرا فى الخارج يريد الدخول ولكن لا يستطيع بعد دقائق خرج بلال وهو يحادث زوجته على الهاتف ويقول
خلاص نازلين اهو ..لا الحمد لله كويسة..اه طبعا هجيب الولاد معايا
لم يستطع الأنتظار أكثر أمسك بلال من يده التى يحمل بها الهاتف وقال
طمنى يا بلال
أنهى بلال مكالمته مع عبير ووضع الهاتف فى جيبه وقال ل فارس وهو يتفرس فى ملامحه
متقلقش دى حرارة عادية ...كويس أن والدتها بتعرف تدى حقن انا كتبتلها على حقنة لما تاخدها هتبقى كويسة بأذن الله
مر يحيى من جوارهما سريعا فى طريقة للخروج ليحضر الحقنة التى طلبها بلال وخرجت على أثره أم فارس من الغرفة وتوجهت إلى فارس وهى تقول
انت لسه هنا يابنى .. يالا انت اتوكل على الله علشان تلحق عروستك فى الكوافير مش عاوزين مشاكل فى ليلة زى دى
جاء صوت رنين هاتف فارس فى هذه اللحظة فنظر فى الهاتف ليوجده عمرو الذى تكلم بسرعة قائلا
انتوا هتباتوا عندكوا يا فارس
قال فارس بدون تردد
أمشى انت يا عمرو.. روح خدهم من الكوافير ووديهم القاعة وماما وبلال هيحصلوك
هتف عمرو مستنكرا
هما مين اللى أخدهم دول .. أروح اقول لمراتك تعالى معايا وجوزك جاى ورانا ..فى أيه يا فارس
صاح فارس پغضب
اعمل اللى بقولك عليه يا عمرو ..ماما هتنزل دلوقتى وهتاخدها معاك من الكوافير وتروحوا على القاعة .. وانا هبقى احصلكوا ..وبعدين كده ولا كده قاعة الرجالة مفصولة عن قاعة الستات يعنى محدش هياخد باله انى هتأخر
أنتزعت أم فارس الهاتف من يده وهى تنظر له بحدة وقالت ل عمرو
فارس نازلك يا عمرو دلوقتى
أغلقت الهاتف ونظرت إليه بصرامة وقالت
يالا روح خد عروستك من الكوافير.. وانا هقعد معاها لحد ما تتحسن
زفر فارس بضيق وهو يشعر أن حفل زفافه تحول
إلى جبل على ه يريد التخلص منه لاحظ بلال الحيرة فى عينيه ونفس الشىء الغامض الذى استشعره سابقا وهو لا يريده أن يدخل للكشف عليها فتدخل لحل المشكلة قائلا
بص يا فارس السخونية دى حاجة عادية.. بتيجى وتروح ومتقلقش هى هتاخد الحقنة وهتبقى زى الحصان
عاد يحيى سريعا بالحقنة ودخل غرفة أخته مسرعا كانت أم يحيى واقفة تستمع للحوار بجوار باب غرفة ابنتها وقد حقنتها منذ ثوان حسمت أمرها ورسمت ابتسامة على شفتيها وخرجت مبتسمة
وهى تقول
الحمد لله الحرارة نزلت شوية وابتدت تتحسن
ألتفت بلال إليها دون النظر لها مباشرة وقد استشعر خدعتها فهو كطبيب يعلم أن الحرارة تحتاج لوقت أكبر من هذا لتعود لطبيعتها.
أنهالت المكالمات على هاتف فارس وبلال واحتالت أم يحيى كثيرا عليهم حتى لا يتأخروا أكثر من هذا على زفافهم بسبب مرض ابنتها فهم لا ذنب لهم فيما يحدث لها
وبعد مداولات كثيرة استقل فارس السيارة ويكاد يكون فى عالم آخر يأكله القلق والتوتر والأضطراب وتكاد ان تفتك به أناتها التى كانت تخرج منها عالية فتصل إلى أذنيه وتنهش ه عن بعد وهو ينظر خلفه يكاد أن يراها من خلف الأبواب المغلقة والجدران والسيارة تبتعد به وتفصله عن عالمه الذى طالما أحبه .
خرجت كل منهما إلى زوجها وتأبطت ه إلى السيارة وانطلق الجميع وسط الزغاريد وأصوات أبواق السيارات حتى وصلوا إلى قاعة الأفراح.
كانت قاعة الرجال فى الطابق الأرضى كالعادة بينما قاعة النساء فى الطابق الأول صعدت النساء للأعلى بينما دلف الرجال إلى القاعة الارضية مرت عزة بين صفى الدفوف بينما مرت دنيا بين صفى المشاعل كانت استقبإليه حافلة بين الدف والإنشاد وبين أنوار المشاعل الملونة جلست كل منهما فى مقعدها المخصص لها والمزين بالتل والورود والقلوب الحمراء وبدات الفرقة فى أداء فقراتها المدربة عليها ولكن كل
هذا لم يعجب دنيا وكانت تشاهد ما يحدث بملل وكأنهم نساء من كوكب آخر وتنظر إلى عزة بدهشة وتتعجب كيف يبدو عليها السعادة والبهجه بل وتشاركهم الرقص على الدف هل هذه حفلة زفاف !
أما
فى الأسفل عند الرجال وقف عمرو يتضاحك مع أصدقائه ومحبيه ويتبادلون النكات ووقف فارس بجوراه يصافح المهنئين له ويبتسم لهم ولكن عقله كان فى مكان آخر فيتجه
إلى ركن ما فى القاعة ويخرج هاتفه ويتصل على هاتف منزلها فيجيبه يحيى و يطمئنه ببعض الكلمات المطمئنة التى لقنته أياها والدته .
ترك عمرو أصدقائه واتجه إلى ركن هادىء بالقاعة واتصل على والدته وقال وهو يتلفت حوله
بقولك ايه يا ست الكل.. مش كفاية كده بقالنا ساعتين مش هنروح بقى ولا أيه
ضحكت والدته ثم قالت
طيب خلاص ربع ساعة كده وننزل
أنهى عمرو الأتصال ووقف يفرك كفيه ما بين توتر و عجلة وحانت منه التفاته إلى فارس الذى يقف شاردا يضغط أزرار هاتفه فى انفعال ما بين الحين والآخر فاتجه إليه وقال مداعبا
أنت كمان مستعجل ولا أيه
رسم فارس أبتسامة على شفتيه ولم يجيبه فقال عمرو
مالك يا فارس شكلك مش طبيعى